تك تك ... تك تك
إنها عقارب الساعة الثانية عشر ... بعد منتصف الليل
يخترق الهدوء المتوقع حين هذه الساعة .. صوت العقارب ..
لكن .. في هذه اللحظة .. هناك صوت أنثوي .. يهمس بـ دلع .. قد خرق الهدوء
وفي الطرف الآخر .. ذئب بشري ... يغدق ع الفتاة .. بـ كلام الحب .. ويعدها بـ ليلة زواج لم تكتب في ألف ليلة وليلة ..
أترون هذا
الحب ......... زائفــًا ؟!
وقفت خجلة .... أمامها
ناولتها ..... الرسالة الوردية المعطرة
فـ قبلتها الأخرى ...... بحنان قرب شفة الأولى
ثم تلامست الأيدي ... ومضيتا في طريق الحب
أترون هذا
الحب ......... زائفــًا ؟!
وضع عطر Boss ع الطاولة .. بعد أن بخ ع ثوبه الأبيض منه الكثير
ناولته ساعته ومحفظته ومفتاح سيارته .... وهي تذكره بـ المفاجأة التي أعدتها له هذه الليلة
فـ قبلها بـ لطف هامسـًا ...
حبيبتي ..
وقبل أن يفتح باب سيارته ... رفع هاتفه واتصل .. بعدها .. لك أن تسمع ترحيبه الحار بـ عشيقته
أترون هذا
الحب ......... زائفــًا ؟!
أترى تلك الفتاة ... ذات الصوت الأنوثي إن خرجت مع حبيبها المزعوم ... وسلب منها أغلى ما تملك ... ثم هجرها ....
أستنعت ذاك الحب .... حبـــًا ؟
وأليس كلام الشاب .. ووعوده ... وكلام
الحب والغرام .... زيفـــًا ؟
أترى تلك الفتاة الخجولة ... التي خطت أناملها .. عدة مرات .. أجمل عبارات الحب ... في الرسائل المعطرة ... والتي مارست ما يهز عرش الرحمن مع خليلتها ... ثم هالتها نتيجة ذاك .. وأدركت بـ أنها بعيدة عن طريق الأسوياء ...
أستنعت ذاك
الحب .... حبـــًا ؟
وأليست لمسات الأخرى ... وقبلاتها .... وعبارات العشق والحب .... زيفـــًا ؟
أترى تلك الزوجة .. المخلصة لـ زوجها ... والتي حفظته في غيابه قبل حضوره .. ثم عن طريق الخطأ .. رأت قائمة أرقام عشيقات زوجها ...
أستنعت ذاك الحب .... حبـــًا ؟
وأليست كلمة "
حبيبتي " التي يتفوه بها ذاك الزوج .. بين حين وآخر .... زيفـــًا ؟
ذكرت هنا صور مصغرة لـ حب زائف .. فـ اللسان يهمس : "
أحبك " ... وقلبه أبعد ما يكون عن الحب ..
لكن موضوعي هنا ... ليس لـ التحدث عن هذا النوع من الحب الذي نراه بـ لا شك زائفــًا ..
إني هنا لـ اتحدث عن أعظم حب زائف .... نراه بـ لاشك شبه يومي ... إن لم يكن يوميـًا !
لا أريد أن أكثر الحديث ... لأني افكر الآن بـ صلب الموضوع ...
و الحب الذي يجول في فكري .... وقلبي ينبض ألمــًا ع هذا الحب ... الذي لوث ..
إني اتحدث عن حب الخالق ...
حب المنعم ...
حب القادر ...
حب الله ...
إن سألت .. أتحب الله ؟
ما الجواب المتوقع ؟...
" هو في حد ما يحب ربنا " ، " أكيييييييييد وهذا يباله كلام " ، "
إي أحبه " ... وغيرها من الأجوبة التي تنطقها ساخطـًا ع من سأل ..
فـ ليس لهذا السؤال مكان .. لأنه المكان بـ أسره ..
ولكني أرد ع جوابك ..
نعم ... أنت تحبه .... لا انكر عليكَ ذلك ... ولكنه حب زائف .. لم يلامس شغاف قلبك بعد ...
فـ وربي إن كنت تحبه حبــًا صادقــًا ... أكنتَ سـ تفعل ما يبغضه ويغضبه ! .. أكنتَ ستفعل ذلك ؟!
وربي لا ... وربي لا ... وربي لا ...
إني أسألك ..
أكنتَ سـ تبيت ليلتكَ ومحبوبتكَ ..... غاضبة !
أسيهنأ لك بال ! ...
لا ... وربي ...
لكني .. أراك تنام .. هنيء البال .. وقد نمت عن صلاة العشاء والفجر والظهر! ...
تلك محبوبتكَ ... ولابد من إرضائها ... اعلم جيدًا ...
ولكن هذا ربكَ ... واجدكَ من العدم ... أولى من غيره في أن تتحرى رضاه ..
أليس كذلك ؟! .. آلا ترى بـ أني انطق بـ حق ؟!
تصور آخر ..
فلانة ابنة عمك .. تفعل المستحيل من أجل حبكَ لها ... ولعلك تصارع أهلكَ ... من أجل حبكَ لها
وفلانة زوجتك ... تبتغي رضاها ... وتلبي لها طلباتها ... ولعلك ترفع صوتك ع أمك ... من أجل حبكَ لها
وأنت ِ ...
فلان عشيقك ِِ ...فـ تصرخين ع أختك ِ الناصحة لك ... وتدفعين هدايا قيمة ... وتخرجين معه .. ضاربة الشرع والأهل والشرف عرض الحائط ... من أجل حبك ِ له
وفلانة حبيبتك ِ ... يدفع والدك ِ المعمي عن أفعالك ِ فاتورة قيمتها تكفي لـ مؤنة شهرين .. وتعيقين والدتك ِ ... من أجل حبك ِ لها
و و و ... وتتزاحم الصور أمام عينينا قبل مخيلتنا ...
ولكني أسألك ..
ماذا فعلت من أجل ربك محبوبك الأعظم ؟! ...
من أجل من حماك بـ أغشية ثلاث وأنت جنينـًا ؟! ...
من أجل من كان بـ يده أن يجعلكَ مشلولاً .. أو كفيفـًا ... لكنه خلقكَ مبصرًا سويـًا ؟! ...
من أجل من أنعم عليك بـ نعمة الشباب والصحة ... وهو قادرٌ ع أن يجعلك بين لحظة وأخرى مريضـًا يائسـًا ؟! ...
في تلك الليلة ... جلست متأملة في حبنا لله - جل علاه -
وصرتُ أعدد السبل التي توصلنا ... لـ حبه
فـ رأيتها سهلة المنال ... وفي طاقتنا
فـ هو في كتابه لم يطالبنا بـ الكثير ..
أخمسُ صلواتٍ .. في يوم ٍ وليلة .. تعجزك ؟!
أم خفض صوتكَ في حضور والديكَ .. يعجزك ؟!
أم قراءة صفحة من كتاب الله في طرف النهار .. تعجزك ؟!
وغيرها من الأوامر ... التي لم تكتب في كتب التعجيز البشري
مازلت اسمع صراخكْ ... بـ "
أنا أحبه "
أواه ... أمازلت تذكر ذلك !
أبعد أن عددتُ لكَ ... معاصيكَ له !
أبعد ذلك تردد أنا أحبه !
لن أحاول ظلمكْ ... لذا اتسمح لي بـ الاطلاع ع واقعكَ الميداني ..
وسـ أصيغ السؤال ... كما مبتدأ حديثي
أتحبه .... وأنت تسهر الليل ع لعب الورق ... والسخرية من فلان وفلان ... بل التحدث في أعراض الناس ... و و و وإلى آخر تلك المنكرات ... ثم تنام عن صلاة الفجر فـ تصليها بعد الاشراق أو لا !
أتحبه .... وسماعة الأذن في أذنيكَ تسمع لـ أغنية وآخرى ... ناسيــًا بـ أن رصاصة من حميم سـ تخترق أذنك يوم الخلود !
أتحبه .... وتتهاون في أداء أحب الأفعال له وهي الصلاة ... وربما لا تؤديها !
أتحبه .... وحدة صوتكَ يزداد في كل مشادة كلامية مع أبيك ... وسباب وصراخ ع أم ٍ حنون !
أتحبه .... ويدكَ دائمــًا ترفع ع زوجتك ... وتحرم أبناؤك من لذة الطفولة والحياة !
أتحبه .... وكتابه المنزل ... المقدس في ركن من غرفتكَ وقد كساه الغبار !
أتحبه .... والناس صيام ... وأنت أمام بقالة تنفث دخان سيجارتك !
أتحبه .... وقد جعلت فتيات عصركَ لعبة في يدك ... تحدث هذه ... وترمي تلك !
أتحبه .... وقد سلكت طريق العدو ... ورميت طريقه السوي ... المنير خلف ظهرك !
أهذا مفهوم حبكَ له ؟! ... أهذا
الحب الذي تصرخ به ؟!
عجبــًا لكَ ... ولـ مفهوم
حبكَ !
بل ... إني ساخط ع تلويثكَ لـ الحب السامي ... الطاهر
دنسته بـ أفعاكْ ...
وبعد كل ذلك ... تعود وتصرخ "
إني أحبه " !
بدأت الحديث بـ التساؤلات ... وبعض الصور المؤلمة
ربما لا يروق لكَ هذا الطرح ... لكني سلكته
فـ وربي إن أطنانـًا من الأسئلة ... في عقلي المثقل
لم اطرحها ... ولم اجد لها جوابـًا